فَإِنْ صَامَهَا فِي طَرِيقِهِ، أَوْ فِي مَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي جَازَ، وَإِنْ صَامَهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءً رَجَعَ إِلَى وَطَنِهِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي .. . .
قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: إِنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ وَإِلَّا يَصُومُ بَعْدَ الْأَيَّامِ، قِيلَ لَهُ: بِمَكَّةَ أَمْ فِي الطَّرِيقِ؟ قَالَ: كَيْفَ شَاءَ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ السَّبْعَةِ، يَصُومُهُنَّ فِي الطَّرِيقِ أَمْ فِي أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: كُلٌّ قَدْ تَأَوَّلَهُ النَّاسُ وَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦]. فَذَهَبَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: إِذَا رَجَعْتُمْ مِنَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] ثُمَّ قَالَ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فَتَقْدِيرُ الرُّجُوعِ مِنَ الْحَجِّ - الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ - أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ الرُّجُوعِ مِنَ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَبْلَ الْإِحْلَالِ الثَّانِي، لَمْ يَجُزِ الصَّوْمُ. فَعُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ مُقَيَّدٌ بِالرُّجُوعِ مِنَ الْحَجِّ فَقَطْ، وَيَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ رَاجِعًا مِنَ الْحَجِّ بِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ عَادَ إِلَى حَالِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْإِحْلَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute