وَلِأَنَّ مَا وَقَّتَهُ بِنَذْرِهِ إِذَا فَوَّتَ وَقْتَهُ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، فَمَا وَقَّتَهُ الشَّرْعُ أَحْرَى أَنْ تَجِبَ الْكَفَّارَةُ بِتَفْوِيتِ وَقْتِهِ. وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا بِتَفْوِيتِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَجِبَ فِيهِ كَفَّارَةٌ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَقَطْ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ - فِي مُتَمَتِّعٍ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ -: يَبْعَثُ بِالدَّمِ إِذَا كَانَ سَاهِيًا وَالْعَامِدُ: عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَهَذَا الَّذِي نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ أَخَّرَهُ إِلَى وَقْتِ جَوَازِ فِعْلِهِ، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ دَمٌ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْوُقُوفَ إِلَى اللَّيْلِ، وَالطَّوَافَ عَنْ أَيَّامِ مِنًى، وَالْمَعْنَى بِجَوَازِ فِعْلِهِ أَجْزَاهُ، فَأَمَّا حِلُّ التَّأْخِيرِ: فَلَا، قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّهُ دَمٌ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ، فَلَا يَجِبُ بِتَأْخِيرِهِ دَمٌ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْحِلَاقِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ؛ وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَنْ وَقْتِهَا إِذَا شُرِعَ قَضَاؤُهَا: لَا يُوجِبُ إِلَّا الْقَضَاءَ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: إِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا هَدْيٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ هَدْيَانِ. قَالَ حَرْبٌ: قِيلَ لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ حَجَّ وَعَلَيْهِ دَمٌ فَدَفَعَ نَفَقَتَهُ إِلَى رَجُلٍ وَغَابَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَذْبَحُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ؟ قَالَ: يَبْعَثُ بِدَمٍ إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ دَمٌ وَاحِدٌ، وَيُرْوَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ دَمَانِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَبْعَثَ بِدَمٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي وَكَأَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ إِذَا وَجَدَ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ - فِي مُتَمَتِّعٍ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَلَمْ يُهْدِ: يُجَزِّئُ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute