دَمٌ وَاحِدٌ إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَلَيْهِ دَمَانِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ.
قَالَ الْقَاضِي: الْعُذْرُ مِثْلُ أَنْ تَضِيقَ النَّفَقَةُ وَلَا يَجِدُ مَا يَشْتَرِي وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْعُذْرُ مِثْلُ أَنْ تَضِيعَ النَّفَقَةُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْعُذْرُ مِثْلُ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَوْ سَهَا عَنِ الْهَدْيِ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى بَلَدِهِ لَزِمَهُ إِنْفَاذُ هَدْيٍ يُنْحَرُ بِالْحَرَمِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَهَذَا لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ الْمُؤَقَّتَةَ: إِذَا أُخِّرَتْ عَنْ وَقْتِهَا تَعَذَّرَ، وَشُرِعَ قَضَاؤُهَا: لَمْ يَحْتَجْ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ مِثْلَ الصَّوْمِ إِذَا أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، وَالصَّلَاةِ إِذَا أَخَّرَهَا لِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ، بِخِلَافِ مَنْ أَخَّرَهَا تَأْخِيرًا مُحَرَّمًا، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إِلَى كَفَّارَةٍ مَاحِيَةٍ. وَالْعُذْرُ هُنَا: مِثْلُ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُسْقِطُ. فَأَمَّا ضِيقُ النَّفَقَةِ وَضَيَاعُهَا، أَوْ عَدَمُ النَّعَمِ - كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ - فَهَذَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْهَدْيِ، وَيَجْعَلُ فَرْضَهُ الصَّوْمَ، فَإِذَا لَمْ يَصُمْ فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَإِنْ صَامَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِدًا حِينَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَتَرَكَ الصَّوْمَ لِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الذَّبْحِ: ضَاعَتِ النَّفَقَةُ، أَوْ عُدِمَتِ النَّعَمُ، أَوْ كَانَ قَدْ ابْتَاعَ هَدْيًا فَظَلَّ: فَهُنَا هُوَ مَعْذُورٌ بِتَرْكِ الصَّوْمِ وَالذَّبْحِ.
وَبِكُلِّ حَالٍ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَمْ يُهْدِ سَوَاءً كَانَ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ؛ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ إِذَا فَوَّتَهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَفَوَاتُهَا أَنْ لَا يَصُومَهَا قَبْلَ النَّحْرِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنْ لَا يَصُومَهَا إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بِحَالٍ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute