خَرَّجَهَا شَيْخُهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي تَأْخِيرِ الْهَدْيِ، وَاخْتَارَ هُوَ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الصَّوْمِ دَمٌ بِحَالٍ مَعَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهَدْيِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يَجِبُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ دَمٌ بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَتَأْخِيرُ الْمَنَاسِكِ فِي الْجُمْلَةِ قَدْ يُوجِبُ دَمًا.
وَالصَّوَابُ طَرِيقَةُ شَيْخِهِ؛ فَقَدْ ذَكَرْنَا نَصَّ أَحْمَدَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْقَاضِي مَنْصُوصَةً فِي خِلَافِهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَلَعَلَّهُ خَرَّجَهَا فِي كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا مَنْصُوصَةً، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِبِدْعٍ مِنْ فِقْهِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْهَدْيِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: لَا دَمَ بِحَالٍ قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ - إِنْ لَمْ يَصُمْ فِي الْحَجِّ فَلْيَصُمْ إِذَا انْصَرَفَ، وَلَا يَرْجِعْ إِلَى الدَّمِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الصِّيَامَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ قَضَائِهِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَصَوْمِ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا.
فَعَلَى هَذَا إِذَا أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ فَهَلْ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ؟ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَوْ أَرَادَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يُهْدِيَ وَلَا يَصُومَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ الصِّيَامُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ فَاتَ وَقْتُهُ، وَيَتَخَرَّجُ جَوَازُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute