كَانَتْ صَلَاةً، وَلِهَذَا يَصُومُهَا الْمُتَمَتِّعُ عَنْ غَيْرِهِ. فَإِنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ تَخْتَصُّ بِالْحَجِّ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَالْمَنَاسِكُ الْمُؤَقَّتَةُ تَفُوتُ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا كَالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَقْضِي بِحَالٍ، وَإِذَا لَمْ تُقْضَ: فَمِنْهَا مَا يَجِبُ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الدَّمُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى إِذَا فَاتَ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَالْمَنْذُورِ الْمُؤَقَّتِ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْهَدْيَ فِي التَّوْقِيتِ سَوَاءٌ، فَإِذَا قُضِيَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ الْآخَرُ، وَيَقْضِيهَا مَعَ صَوْمِ السَّبْعَةِ إِنْ شَاءَ مُتَتَابِعًا وَإِنْ شَاءَ مُتَفَرِّقًا.
وَهَلْ عَلَيْهِ دَمٌ مَعَ الْقَضَاءِ؟ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ؛ - إِحْدَاهُنَّ: عَلَيْهِ دَمٌ وَهِيَ اخْتِيَارُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ نَصُّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى جَازَ أَيَّامَ النَّحْرِ صَامَ عَشَرَةً إِذَا رَجَعَ وَعَلَيْهِ دَمٌ قَدْ فَرَّطَ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ - إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ مِنْ تَمَتُّعٍ، أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، أَوْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ زَكَاةٍ فَفَرَّطَ فِيهَا حَتَّى ذَهَبَ مَالُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيَيْنِ، وَإِذَا فَرَّطَ فِي الصَّوْمِ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ: صَامَ بَعْدَمَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ هَدْيَانِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ: مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute