لِكَلَامِ أَحْمَدَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْمِيقَاتِ مُسْقِطٌ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَسَافَاتِ الْمَوَاقِيتِ.
وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا سَافَرَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَحْرَمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ مِنْ نَاحِيَةِ مِيقَاتِهِ أَوْ غَيْرِهَا، لَمْ يَتَرَفَّهْ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، بَلْ سَافَرَ لِلْحَجِّ سَفَرًا صَحِيحًا فَزَالَ مَعْنَى التَّمَتُّعِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى مِصْرِهِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغِ الْمِيقَاتَ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلدَّمِ سُقُوطُ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى الْقَارِنِ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ مِنَ الْمِيقَاتِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَارِنِ دَمٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ - فِي لِسَانِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ -: هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ بِسَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ سَافَرَ بَيْنَهُمَا إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ: فَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِحْرَامِهِ دُونَ مِيقَاتِهِ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَ مَنْ إِنْ شَاءَ الْحَجَّ مِنْ دُونِ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ مُتْعَةٍ، كَمَا لَوْ رَجَعَ إِلَى مِصْرِهِ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ. وَلِهَذَا أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ: بِسَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ إِحْرَامَهُ مِنْهُ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَمَتِّعٍ.
وَاشْتَرَطَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا سَافَرَ وَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ.
وَإِنْ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْحَجِّ - مُحِلًّا - ثُمَّ بَدَا لَهُ الْحَجُّ فَأَحْرَمَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ أَيْضًا دَمٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ إِلَى مَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ وَرَجَعَ حَرَامًا، إِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute