اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَذْبَحُ وَيَحِلُّ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ - فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ: أَقَامَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْحَجَّ قَدْ فَاتَهُ، فَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ نَحَرَ الْهَدْيَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ كَانَ إِحْصَارُهُ بِمَرَضٍ لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ - فِي مُحْرِمٍ أُحْصِرَ بِحَجٍّ وَمَعَهُ هَدْيٌ قَدْ سَاقَهُ: لَا يَنْحَرُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ يَئِسَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ: وَإِنْ يَئِسَ كَيْفَ يَنْحَرُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا يَحِلَّ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦]. وَالْمَحِلُّ: اسْمٌ لِلْمَكَانِ، وَلِلْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ ذَبْحُهُ. وَلِهَذَا الْقَوْلِ مَأْخَذَانِ ذَكَرَهُمَا أَحْمَدُ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ لَا يَحِلُّ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِذَا كَانَ قَدْ صُدَّ عَنِ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ: فَهُوَ لَمْ يُصَدَّ عَنِ الْإِحْرَامِ: فَيَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَهُوَ بَقَاؤُهُ مُحْرِمًا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَحِينَئِذٍ يَتَيَقَّنُ فَوْتَ الْحَجِّ، فَيَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُفَوِّتُ الْمُهِلُّ بِعُمْرَةٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْهَدْيَ الْمَسُوقَ لَا يَجُوزُ نَحْرُهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute