للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْكِنُ إِيصَالُهُ إِلَى الْحَرَمِ وَجَبَ أَنْ يَبْقَى إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنَّهُ وَقْتُ ذَبْحِهِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَسُوقِ، فَإِنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّحَلُّلَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، فَيَجِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَبْحَهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَهَذَا مُطْلَقٌ وَمَحِلُّهُ: هُوَ مَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ فِيهِ مِنْ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَالشَّأْنُ فِيهِ: أَنَّ هَذَا إِنْ سَلَّمَ أَنَّ الْوَقْتَ مَحِلٌّ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَحِلَّ هُوَ الْمَكَانُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْمَحِلَّ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهَدْيُ الْعُمْرَةِ لَا وَقْتَ لَهُ يَخْتَصُّ بِهِ.

وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَجُزِ التَّحَلُّلُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَالْمُفَوِّتُ: لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالْعُمْرَةِ كَالْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فَاتَ الْحَجُّ يَبْقَى كَالْمُحْرِمِ بِعُمْرَةٍ، وَالْعُمْرَةُ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ تَفُوتُ فِيهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا إِلَى أَنْ يَصِلَ كَالْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ، وَلَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ التَّحَلُّلُ لِلْمُحْرِمِ إِلَّا بِعُمْرَةٍ إِذْ لَيْسَ لِإِحْرَامِهِ غَايَةٌ فِي الزَّمَانِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ هَدْيَ الْمُحْصَرِ لَيْسَ بِنُسُكٍ مَحْضٍ، وَإِنَّمَا هُوَ دَمُ جُبْرَانٍ لِمَا يَسْتَبِيحُهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، وَيَتْرُكُهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَلِهَذَا لَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا فَلَمْ يَنْفُذْ بِوَقْتٍ كَفِدْيَةِ الْأَذَى وَتَرْكِ الْوَاجِبِ. وَعَكْسُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ فَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَابْنِ مَنْصُورٍ - إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أُحْصِرَ وَقَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَلَا يَحِلَّ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا يَنْحَرْ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>