للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى اللِّبَاسِ فِي أَوْقَاتِ الْحُمَّى وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دُفْعَةً وَاحِدَةً؛ مِثْلَ أَنْ يَلْبَسَ وَيَتَعَمَّمَ وَيَحْتَذِيَ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ كُلَّهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ أَيْضًا.

وَالثَّالِثَةُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ مُطْلَقًا، قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مُحْرِمٍ مَسَّ طِيبًا، وَلَبِسَ ثَوْبًا، وَحَلَقَ رَأَسَهُ، وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، قَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ: فَعَلَيْهِ دَمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ، فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْجِنْسِ وَالْجِنْسَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ وَالْخُفَّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَا تَتَفَاوَتُ كَفَّارَاتُهَا بِكَثْرَتِهَا فَتَدَاخَلَتْ كَمَا لَوْ فَعَلَهَا مُتَّصِلَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ وَالِانْفِصَالَ لَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ الشَّيْءِ وَمُقْتَضَاهُ. بِدَلِيلِ قَتْلِ الصَّيْدِ، وَقَتْلِ النُّفُوسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ مُتَبَايِنَةً اسْتَوَى فِيهَا الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ مُتَدَاخِلَةً عِنْدَ الِاتِّصَالِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُتَدَاخِلَةً عِنْدَ الِانْفِصَالِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْكَفَّارَاتِ كَالْحُدُودِ تُشْرَعُ زَاجِرَةً وَمَاحِيَةً، فَإِنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا، وَالْكَفَّارَاتُ حُدُودٌ عَنِ الْمَحْظُورَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَدَاخَلَ كَالْحُدُودِ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ: فَعَلَيْهِ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، هَكَذَا أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>