للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا يَنْبَغِي إِذَا لَمْ يَدْخُلِ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْفِعْلِ إِذَا أُبِيحَ؛ فَلَوْ مَرِضَ فَاحْتَاجَ إِلَى اللُّبْسِ، أَوِ الطِّيبِ، فَافْتَدَى لِذَلِكَ، ثُمَّ لَبِسَ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، أَوْ تَطَيَّبَ مَرَّاتٍ: لَمْ يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ بِلَا تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ أَبَاحَتِ اللُّبْسَ الثَّانِيَ كَمَا أَبَاحَتِ اللُّبْسَ الْأَوَّلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا لَبِسَ مَرَّاتٍ لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يُكَفِّرَ، أَوْ لَا يُكَفِّرَ، اللَّهُمَّ إِلَّا يَنْوِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ اللُّبْسَ مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَلَوْ كَفَّرَ ثُمَّ اسْتَدَامَ الْمَحْظُورَ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ كَمَا لَوِ ابْتَدَأَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ - فِيمَنْ لَبِسَ قَمِيصًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ نَاسِيًا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ.

وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِعُذْرٍ .. . .

الْفَصْلُ الثَّانِي

أَنَّ الصَّيْدَ تَتَعَدَّدُ كَفَّارَتُهُ بِتَعَدُّدِ قَتْلِهِ، فَكُلَّمَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، سَوَاءٌ جَزَى الْأَوَّلَ، أَوْ لَمْ يَجْزِ. هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ وَحَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ.

قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ -: وَإِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا عَادَ. وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنْ عَادَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>