للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها أيضًا أن الرؤيا من أقسام الوحي (١)، ولعل تسلسل الآيات يوضح ذلك فبعد قوله تعالى: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (٢) ـ والآية تتكلم عن الوحي ـ جاءت رؤيا يوسف ـ عليه السلام ـ، فلعلها إشارة إلى أن الرؤيا من أقسام الوحي.

ولعل من الفوائد المستنبطة، أن الحكمة من لفظ الرؤيا تطلق على الأمر الذي يُرى في عالم الغيب عمومًا (٣)، ولفظها ليس خاصًّا بالرؤيا المنامية، مثل قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} (٤)، وهذا يزيل الإشكال والخلاف في تفسير الآية، فرسول الله


(١) يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب ـ يرحمه الله ـ: (إن الرؤيا الصالحة من أقسام ... الوحي)، راجع كتاب القول المفيد شرح كتاب التوحيد للشيخ ابن عثيمين ـ يرحمه الله (٢/ ٢٣٧).
ولا ضير، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: (أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: "هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا، إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)، والحديث في مسند الإمام أحمد حديث برقم [٨٣١٣] وغيره، وصححه الإمام الألباني، والحديث في السلسلة الصحيحة: (قال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا) (١/ ٨٤٥).
(٢) سورة يوسف الآية (٣).
(٣) ويحتمل أن تكون الحكمة في تسمية ذلك رؤيا لكون أمور الغيب مخالفة لرؤيا الشهادة فأشبهت ما في المنام، فتح الباري للحافظ ابن حجر (١٢/ ٣٥٢).
(٤) سورة الإسراء الآية (٦٠).

<<  <   >  >>