للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظهر هذا جليًّا عندما نقارن (١) رؤيا يوسف ـ عليه السلام ـ برؤى الأنبياء ـ عليهم من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ على حسب السياق القرآني.

وسنجد أن رؤى الأنبياء جاءت صالحة صادقة (٢)، بمعنى أنها لا تحتاج إلى تعبير، فهاتان رؤيتان لنبينا وحبيبنا محمد ـ عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم: يقول الله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ


(١) ضرب من ضروب تفسير القرآن بالقرآن، كثيرًا ما يستخدمه المفسرون، وكان يستعمله صاحب أضواء البيان، يقول ـ يرحمه الله ـ في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)}، (الحشر) وتطلق على يوم القيامة كما هنا في هذه الآية لدلالة القرآن على ذلك، من ذلك قوله تعالى في نفس المعنى: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}، (النبأ الآية ٤٠)، أضواء البيان (٨/ ٥٣)، فأتى بآيتين من موضعين مختلفين وقارن بينهما ليستدل بهما على معنى واحد.
(٢) أورد الإمام ابن حجر ـ يرحمه الله ـ في فتح الباري وهو يتكلم على الاختلاف بين الرؤيا الصادقة والرؤيا الصالحة: (وهما بمعنى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء، وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة في الأصل أخص، فرؤيا النبي كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا، كما وقع في الرؤيا يوم أحد، وأما رؤيا غير الأنبياء فبينهما عموم وخصوص إن فسرنا الصادقة بأنها التي لا تحتاج إلى تعبير، وأما إن فسرناها بأنها غير الأضغاث فالصالحة أخص مطلقًا، وقال الإمام نصر بن يعقوب الدينوري في التعبير القادري: الرؤيا الصادقة ما يقع بعينه، أو ما يعبر في المنام أو يخبر به ما لا يكذب، والصالحة ما يسر؛ ) انظر فتح الباري (١٢/ ٤٤٤).

<<  <   >  >>