للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين تحققها وقت طويل (١)، بخلاف رؤيا يوسف ـ عليه السلام ـ فقد تحققت رؤياه بعد أربعين سنة (٢)، لذلك يظهر لنا أن يوسف ـ عليه السلام ـ لم يكن نبيًّا عندما رأى رؤياه، ولم تكن رؤياه رؤيا نبوية؛ لأنها كانت على عكس ما عليه الرؤى النبوية الأخرى في باقي سور القرآن الكريم، وكانت أيضًا تحتاج إلى فك للرموز وتأويل تلك الرموز، والقرآن الكريم له سياق معين في آياته الكريمة، ولا شك أن هذا السياق سوف يتشابه إذا كان يحمل نفس المدلول وليس المعنى فقط، بل هناك


(١) في قوله تعالى في معركة بدر: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وقوله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} لاحظ في سياق الآيات جاءت الرؤيا وجاء بعدها تحققها مباشرة فلم يفصل بينهما أي فاصل، بخلاف رؤيا يوسف ـ عليه السلام ـ فتحقق رؤياه جاء في آخر السورة الكريمة، كذلك في قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥)} وفي قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ... }، كان بين هذه الرؤيا وبين تحققها قرابة السنة والنصف أو السنة، ويظهر ذلك باستقراء التاريخ في هذه الحقبة، والله أعلم ونسبة العلم إليه أسلم. راجع تفسير ابن كثير (٧/ ٣٥٦)، تفسير الجلالين (١/ ٦٨٣).
(٢) تفسير الطبري (١٣/ ٧٠)، تفسير القرطبي (١١/ ٢٥٨).

<<  <   >  >>