للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرينة أخرى، وهو صغر سنه ـ عليه السلام ـ لما رأى تلك الرؤيا (١)، والله أعلم.

ونلاحظ أن رؤيا ـ يوسف عليه السلام ـ لم يكن فيها شيء من جنس الأرض بتاتًا، فكلها أمور متعلقة بالسماء والأجرام السماوية التي من إشاراتها ما يدل على العلو والارتفاع والارتقاء وغيرها من الإشارات الأخرى (٢).

وهذا حديثٌ عظيمٌ، وأصلٌ من الأصول التي يستدل بها في علم تعبير الرؤى، على أن أول ما يرى النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ الرؤى الصادقة، لا الرؤى المرموزة، ويظهر ذلك في هذا الحديث العظيم التي ترويه أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: (كان أول ما بُدِئَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرؤيا


(١) وما أجمل ما كتبه الإمام أبي حيان في تفسيره البحر المحيط حيث يقول: (والذي يظهر من سياق الأخبار والقصص أن يوسف كان صغيرًا، فقيل: كان عمره إذ ذاك سبع سنين. وقيل: ست، قاله الضحاك. وأبعد من ذهب إلى أنه اثنتا عشرة سنة، وثمان عشرة سنة، وكلاهما عن الحسن، أو سبع عشرة سنة قاله ابن السائب. ويدل على أنه كان صغيرًا بحيث لا يدافع عن نفسه، قوله: وأخاف أن يأكله الذئب ويرتع ويلعب وإنا له لحافظون، وأخذ السيارة له، وقول الوارد: هذا غلام، وقول العزيز: عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا ..... (٥/ ٢٨٨).
(٢) وهذه الرؤيا من نوع الرؤى التي فيها بشارة، كما أن فيها إنذار، ويتضح ذلك بالوقوف على رمز أحد عشر، وباقي رموز الرؤيا.

<<  <   >  >>