للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستفادت الدولة من ضرائب الزراعة كما استفادت من ضرائب التجارة ويفهم من دراسات البحث رودو كاناكيس Rhodokanakis للنظم القتبانية أن الضرائب في قتبان وفي غيرها من الدول العربية الجنوبية كانت تعادل العشر أو ما يقرب منه، وتؤدي عينية عادة أي من نفس محصول الأرض والمصانع والمتاجر. ويتولى الإشراف على تحصيلها ولاة الأقاليم وشيوخ القبائل أحيانًا. كما كانت الدولة تأخذ بنظام الالتزام في تحصيل ضرائبها أحيانًا أخرى، فتسمح لبعض كبار أهل القرى والأقاليم والمعابد بأن يتولوا جباية ضرائب معينة وتخصص لهم جعلًا منها.

وامتد تحصيل الضرائب إلى ما هو أكثر من هذا، فورد في أمر أصدره ملك قتباني إلى كبير إحدى القبائل بأن يؤدي إلى خزائنه من ضرائب قبيلته ما ترجمه رودوكاناكيس: عشر كل ربح صاف وكل ربح يرد عن طريق الالتزام وكل ربح يجبى من بيع ومن إرث. وقد تدل العبارة الأخيرة على تحصيل رسوم على عقود البيع وعقود التوريث على نحو ما تجري عليه قوانين الضرائب في أغلب المجتمعات المعاصرة.

ح) من آثار العمران والفنون:

قدر الاتساع القديم لمدينة تمنع (هجر كحلان الحالية) عاصمة قتبان بنحو ٥٢ فدانًا -وخلد الرحالة بليني أهميتها حينما روى أنها كانت تتضمن٦٥ معبدًا. ومع ما في رواية بليني من مبالغة واضحة فإن الآثار الباقية في تمنع تشهد بروعتها النسبية القديمة فعلًا رغم عوامل التخريب التي لحقت بها قديمًا وحديثًا. وقد أنشئت هذه العاصمة فوق ربوة مرتفعة بعض الشيء عند النهاية الشمالية لوادي بيحان، وكان يحيطها سور يحميها وإن تداخلت بعض المساكن في أجزائه نتيجة لازدياد العمران. وتضمن السور أربع بوابات كشف عن اثنتين منها في ناحيتي الجنوب الغربي والجنوب الشرقي للمدينة. وكانت أولى البوابتين وتعرف عادة باسم البوابة الجنوبية، هي الأقدم، وترتب على بنائها بأحجار صلبة كبيرة أن بقي للآن جزء من بنيانها يرتفع أكثر من ثلاثة أمتار، وأجزاء من الصرحين أو البرجين اللذين كانا يحيطان بها. ويبدو أنه كان لمدخلها باب خشبي ضخم ينزل من أعلى إلى أسفل حين غلقه ويدعمه من الخلف عارض خشبي أفقي متين. واحتفظت جدران البوابة، وهذا هو الأهم، بنصوص عديدة سجلت بأسماء بعض ملوك قتبان، وكان من أقدمهم يدع أب ذبيان -كما تضمن أحدهم تشريعًا للدولة أشرنا من قبل إلى فقرة منه.

<<  <   >  >>