قد ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب جملا من ترتيب البحار المتصلة والمنفصلة، ونذكر في هذا الباب جملا من أخبار ما اتصل بنا من البحر الحبشي والممالك والملوك وجملا من ترتيبها وغير ذلك من أنواع العجائب
فنقول أن بحر الصين والهند وفارس واليمن متصلة مياهها غير منفصلة على ما ذكرنا إلا أن هيجانها وركودها يختلف لاختلاف مهاب رياحها وأبان ثورانها وغير ذلك، فبحر فارس تكثر أمواجه ويصعب ركوبه عند لين بحر الهند واستقامة الركوب فيه وقلة أمواجه، ويلين بحر فارس ويقل أمواجه ويسهل ركوبه عند ارتجاج بحر الهند واضطراب أمواجه وظلمته وصعوبته عند ركوبه، فأول ما تبتدى صعوبة بحر فارس عند دخول الشمس السنبلة وقرب الاستواء الخريفى ولا يزال كذلك تكثر أمواجه كل يوم إلى أن تصير الشّمس إلى برج الحوت، فأشد ما يكون ذلك في آخر الخريف عند كون الشمس في القوس، ثم يلين إلى أن تعود الشمس إلى السنبلة، وآخر ما يكون ذلك في آخر الربيع عند كون الشّمس في الجوزا، وبحر الهند لا يزال كذلك إلى أن تعود الشمس إلى السنبلة فيركب حينئذ وأهدأ ما يكون عند كون الشمس في القوس.
وبحر فارس يركب في سائر السنة من عمان إلى سيراف وهو مائة وستون فرسخا، ومن سيراف إلى البصرة مائة وأربعون فرسخا ولا يتجاوز في ركوبه غير ما ذكرنا من هذين الموضعين ونحوهما.