فقيل انّ هذا الملك تقلّد الملك على القمار في قديم الأيام، وهو حدث متسرع، وانّه جلس يوما في قصره وهو مشرف على واد يجري بالماء العذب ك (دجلة) العراق، وبين قصره والبحر مسيرة يوم، ووزيره بين يديه، إذ قال لوزيره- وقد جرى ذكر مملكة المهراج وجلالتها وكثرة عمارتها وما تحت يده من الجزائر- في نفسي شهوة كنت أحبّ بلوغها، فقال له الوزير- وكان ناصحا وقد علم منه السرعة- ما هي أيّها الملك، قال: كنت أحبّ أن أرى رأس المهراج ملك الزايج في طست بين يديّ، فعلم الوزير أنّ الحسد أثار هذا الفكر في نفسه، فقال: أيّها الملك ما كنت أحبّ أن يحدّث الملك نفسه بمثل هذا إذ لم يجر بيننا وبين هؤلاء القوم لا في فعل ولا في حديث ترة «١» ، ولا رأينا منهم شرّا، وهم في جزيرة نائية غير مجاورة لنا في أرضنا، ولا طامعين في ملكنا، وليس ينبغي أن يقف على هذا الكلام أحد ولا يعيد الملك فيه قولا، فغضب ولم يسمع من الناصح، وأذاع ذلك لقوّاده ومن كان يحضره من وجوه أصحابه، فتناقلته الألسن حتّى شاع واتّصل بالمهراج وكان جزلا «٢» متحرّكا محنّكا، قد بلغ في السنّ مبلغا متوسّطا، فدعا بوزيره، وأخبره مما اتّصل به، وقال له: ليس يجبّ مما شاع من أمر هذا الجاهل وتمنّيه ما تمناه بحداثة سنّه وغرّته وانتشار ذلك من قوله أن نمسك عنه، فانّ ذلك مما يفتّ في عضد الملك وينقصه ويضع منه وأمره بستر ما جرى بينهما، وأن يعدّ له ألف مركب