وأهل الصين من احذق خلق الله كفّا بنقش وصناعة وكلّ عمل لا يقدمهم فيه أحد من سائر الأمم، والرجل منهم يصنع بيده ما يقدّر أنّ غيره يعجز عنه، فيقصد به باب الملك يلتمس الجزاء على لطيف ما ابتدع، فيأمر الملك بنصبه على بابه من وقته ذلك إلى سنة، فان لم يخرج أحد فيه عيبا جازاه وأدخله في جملة صنّاعه، وان أخرج فيه عيب اطّرحه ولم يجازه.
وأن رجلا منهم صوّر سنبلة عليها عصفور في ثوب حرير لا يشكّ الناظر إليها أنها سنبلة وأن عصفورا عليها، فبقيت مدّة وانّه اجتاز بها رجل أحدب فعابها، فأدخل إلى ملك ذلك البلد وحضر صانعها فسأل الأحدب عن العيب، فقال: المتعارف عند النّاس جميعا انّه لا يقع عصفور على سنبلة إلّا أمالها، وأن هذا المصوّر صوّر السنبلة قائمة لا ميل لها، وأثبت العصفور فوقها منتصبا فأخطأ فصدّق ولم يثبت الملك صانعها بشيء، وقصدهم في هذا وشبهه رياضة من يعمل هذه الأشياء ليضطرهم ذلك إلى شدّة الاحتراز وإعمال الفكر فيما يصنع كل منهم بيده.
[قصة ابن وهب القرشي وما وقع له مع ملك الصين]«٢»
وقد كان بالبصرة رجل من قريش يعرف بابن وهب من ولد هبّار «٣» بن الاسود، خرج منها عند خرابها فوقع إلى سيراف، وكان فيها مركب يريد بلاد الصّين فنزعت به همّته بالمقدار الجاري على