أن ركب في ذلك المركب إلى بلاد الصّين ثم نزعت به همّته إلى قصد ملكها الكبير، فسار إلى خمدان في مقدار شهرين من المدينة المعروفة بخانفو، وأقام بباب الملك مدّة طويلة يرفع الرقاع ويذكر انّه من أهل بيت نبوة العرب، فأمر الملك بعد هذه المدّة بإنزاله في بعض المساكن وإزاحة علّته فيما يحتاج إليه، وكتب الملك إلى الوالي المستخلف المقيم بخانفو يأمره بالبحث ومسألة التجار عمّا يدّعيه الرجل من قرابة نبي العرب صلى الله عليه وسلم، فكتب صاحب خانفو بصحة نسبه فأذن له ووصله بمال واسع عاد به إلى العراق، وكان شيخا فهما، فأخبرنا: أنّه لمّا وصل إليه وسأله عن العرب، وكيف أزالوا ملك العجم، فقال له بالله جل ذكره وبما كانت العجم عليه من عبادة النيران والسّجود للشمس وللقمر من دون الله، فقال له: لقد غلبت العرب على أجل الممالك وأوسعها ريفا وأكثرها أموالا وأعقلها رجالا وأبعدها صوتا، ثم قال له: فما منزلة سائر الملوك عندكم فقال ما لي بهم علم، فقال للترجمان: قل له إنا نعدّ الملوك خمسة فأوسعهم ملكا الذي يملك العراق لأنّه في وسط الدنيا، والملوك محدقة به، ونجد اسمه عندنا ملك الملوك وبعده ملكنا هذا ونجده عندنا ملك الناس لأنه لا أحد من الملوك أسوس منّا ولا أضبط لملكة من ضبطنا لملكنا، ولا رعيّة من الرعايا أطوع لملوكها من رعيّتنا، فنحن ملوك الناس، ومن بعدنا ملك السّباع وهو ملك التّرك الذي يلينا، وبعدهم ملك الفيلة وهو ملك الهند، ونجد عندنا ملك الحكمة لأن أصلها منهم، وبعده ملك الروم، وهو عندنا ملك الرّجال، لأنّه ليس في الأرض أتمّ خلقا من رجاله ولا احسن وجوها، فهؤلاء أعيان الملوك، والباقون دونهم.