جفّ قطع الواحا ويفتلون من ليف النّارجيل ما يخرزون به ذلك الخشب ويستعملون منه مركبا وينحتون منه أدقالا «١» وينسجون من خوصه شراعا، ومن ليفه خرابات «٢» وهى القلوس «٣» عندنا، فإذا فرغوا من جميعه شحنت المراكب بالنارجيل فقصد بها عمان فبيع وعظمت بركته ومنفعته إذ كان جميع ما يتّخذ منه غير محتاج إلى غيره.
[[ذكر بلاد الزنج]]
وبلاد الزنج واسعة، وكلّ ما ينبت فيها من الذرة وهو أقواتهم، وقصب السكر وسائر الشجر فهو اسود عندهم، ولهم ملوك يغزوا بعضهم بعضا، وعند ملوكهم رجال يعرفون بالمخزمين قد خزمت أنوفهم، ووضع فيها حلق وركّب في الحلق سلاسل، فإذا كانت الحرب تقدموا، وقد أخذ بطرف كل سلسلة رجل يجذبها ويصده عن التقدم حتى تسفر السفراء بينهم، فإن وقع الصلح والّا شدّت تلك السلاسل في أعناقهم وتركوا والحرب فلم تقم له قائمة، ولم يزل أحدهم عن مركزه دون أن يقتل، وللعرب في قلوبهم هيبة عظيمة، فإذا عاينوا رجلا منهم سجدوا له، وقالوا:
هذا من مملكة ينبت بها شجر التمر لجلالة التمر عندهم وفي قلوبهم.