وانقطاع الجهاز اليه من سيراف: انّ نابغا نبغ فيهم من غير بيت الملك يعرف ببابشو «١» وكان مبتدا أمره الشطارة «٢» والفتوّة وحمل السلاح والعيث واجتماع السفهاء إليه حتى اشتدت شوكته وكثر عدده واستحكم طمعه، فقصد خانفو من بين مدن الصين، وهى المدينة التي يقصدها تجّار العرب، وبينها وبين البحر مسيرة أيام يسيرة، وهى على واد عظيم وماء عذب، فامتنع أهلها عليه فحاصرهم مدّة طويلة، وذلك في سنة اربع وستين ومائتين إلى أن ظفر بها، فوضع السيف في أهلها، فذكر أهل الخبرة بأمورهم: انّه قتل من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس سوى من قتل من أهل الصين مائة وعشرون ألف رجل كانوا تبؤوا بهذه المدينة فصاروا بها تجارا، وانما عرف مقدار عدد هذه الملل الأربع لتحصيل أهل الصّين بعددهم، وقطع ما كان فيه من شجر التّوت وسائر الأشجار، وذكرنا شجر التّوت خصوصا لاعداد أهل الصين ورقه لدود القزّ حتى يلف الدود، فصار سببا لانقطاع الحرير خاصّة عن بلاد العرب.
ثم قصد بعد تخريب خانفو إلى بلد بلد فأخربه، وعجز ملك الصين عنه إلى أن قارب مدينة الملك وتعرف بخمدان «٣» فهرب الملك