والحالة الأخرى: ترك أهل التبّت النوافج في حالها وغشّ أهل الصّين لما وقع إليهم منها، وسلوكهم أيضا في البحر وما يلحقهم من الإيذاء فإذا ترك أهل الصّين المسك في نوافجه وأودعت البراني، واستوثق منها وورد أرض العرب كالتبتّي في جودته، وأجود المسك كلّه ما حكّه الظبي على أحجار الجبال إذ كان مادة تصير في سرّته ويجتمع دما عبيطا كاجتماع الدم فيما يعرض من الدمامل، فإذا أدرك حكّه واضجره فيفرع إلى الحجارة حتّى يخرقه فيسيل ما فيه، فإذا خرج عنه جفّ واندمل وعادت المادّة تجتمع فيه من ذي قبل.
وللتبّت رجال يخرجون في طلب هذا، ولهم به معرفة فإذا وجدوه التقطوه وجمعوه وأودعوه النوافج وحمل الى ملوكهم، وهو نهاية المسك إذ كان قد أدرك في نوافجه على حيوانه، وصار له فضل على غيره من المسك كفضل ما يدرك من الثمار في شجرة على سائر ما ينزع منه قبل ادراكه، وغير هذا من المسك فانّما يصاد بالشرك المنصوب أو السّهام، وربما قطعت النوافج عن الظبي قبل ادراك المسك فيها، وعلى أنّه اذا قطع عن ظبائه كان كريه الرائحة مدّة من المدد حتّى «١» يجفّ على الأيام الطويلة، وكلّما جف استحال حتى يصير مسكا، وظبي المسك كسائر الظباء عندنا في القدّ واللّون، ودقة القوائم، وافتراق الأظلاف، وانتصاب القرون، وانعطافها، ولها نابان دقيقان أبيضان في الفكّين قائمان في وجه الظبي، طول كلّ واحد منهما مقدار فتر، ودونه على هيئة ناب