غياض ورياض وهواء معتدل، وفي فوّهة هذا الغبّ البحر المعروف بهركند، وهو نزة المكان، الشاة فيه بنصف درهم، وما يشرب جمع من الرّجال من الشّراب المطبوخ من عسل النحل بحبّ الداذى «١» الرطب، بمثل ذلك، وأكثر أعمالهم القمار بالدّيكة والنرد والدّيكة عندهم عظيمة الأجسام وافرة الصّياصي «٢» يستعملون لها من الخناجر الصّغار المرهفة ما يشدّ على صياصيها، ثمّ ترسل وقمارهم في الذهب والفضّة والأرضين والنّبات وغير ذلك، فيبلغ الديك الغالب جملة من الذهب، وكذلك لعبهم بالنرد دائم علي خطر واسع، حتّى أنّ أهل الضعف منهم ومن لا مال له ممّن يذهب الى طلب الباطل والفتوة، ربّما لاعب في أنامله فيلعب وإلى جنبه شيء قد جعل فيه من دهن الجوز أو دهن السمسم إذ كان الزّيت معدوما عندهم وتحته نار تحميه وبينهما فاس صغيرة مشحوذة، فإذا غلب أحدهما صاحبه وضع يده على حجر وضرب القامر بالفأس أنملة المقمور فابانها، ووضع المقمور يده في الدّهن وهو في نهاية الحرارة فيكويها، ولا يقطعه ذاك عن المعاودة في اللعب، فربّما افترقا وقد بطلت أناملهما جميعا.
ومنهم من يأخذ الفتيلة فينقعها في الدّهن، ثمّ يضعها على عضو من أعضائه ويشعل النّار فيها فهى تحترق ورائحة اللحم تفوح وهو يلعب بالنرد لا يظهر منه جزع.