ولأهل هذا النّواحى نجب يركبونها في ليالي القمر ويسيرون بها على سواحلهم قد ريضت وعرفت طلب العنبر على الساحل، فإذا رآه النّجيب برك بصاحبه فأخذه، ومنه ما يوجد فوق البحر ويزن وزنا كثيرا، وربما كان كهيئة الثور ودونه، فاذا رآه الحوت المعروف بالبال «١» ابتلعه، فإذا حصل في جوفه قتله وطفا الحوت فوق الماء، وله قوم يراعونه في قوارب قد عرفوا الأوقات التي يوجد فيها هذه الحيتان المبتلعة العنبر، فإذا عاينوا منها شيئا اجتذبوه إلى الأرض بكلاليب حديد فيها حبال متينة تنشب في ظهر الحوت فيشقوا عنه ويخرجوا العنبر منه، فما كان يلي بطن الحوت فهو المند الذي فيه سهوكة وسمكته موجودة عند العطارين بمدينة السلام والبصرة «٢» وما لم تصل اليه سهوكة الحوت كان نقيا جدا، وهذا الحوت المعروف بالبال ربما عمل من فقار ظهره كراسي يقعد عليها الرّجل ويتمكّن.
وذكروا أن بقرية من سيراف على عشرة فراسخ تعرف بالتاين بيوت عادية لطاف سقوفها من اضلاع هذا الحوت، وسمعت من يقول: انه وقع في قديم الأيام إلى قرب سيراف منه واحدة، فقصد للنظر اليها فوجد قوما يصعدون الى ظهرها بسلم لطيف، والصيادون إذا ظفروا بها طرحوها في الشّمس وقطعوا لحمها وحفروا له حفرا يجتمع فيها الودك «٣» ويغرف من عينها إذا أذابت الشمس الودك بالحرارة، ويجمع فيباع على أرباب المراكب