ومما ينبغي ملاحظته أن إعسار الزوج لو بلغ به الأمر بحيث لا يمكن للمرأة أن تتحمله، أو تجد منه مخرجا، ورفعت أمرها إلى الحاكم متظلمة، فإن على الحاكم أن يرى في ذلك رأيه برفع الضرر الواقع على المرأة عملا بقاعدة:"الضرر يزال" وقاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات"، وقاعدة:"درء المفاسد أولى من جلب المصالح" إذ قد يكون حينئذ في الإبقاء على النكاح مفسدة أشد من جلب المصلحة، فينبغي الأخذ بأهون الشرين.
ولعل من هذا الباب خروج بعض الحنفية - القائلين بعدم التفريق بسبب الإعسار - عن قولهم ذلك، حيث جاء في حاشية ابن عابدين:"ثم اعلم أن مشايخنا استحسنوا أن ينصب القاضي الحنفي نائبا ممن مذهبه التفريق بينهما، إذا كان الزوج حاضرا، وأبى عن الطلاق؛ لأن دفع الحاجة الدائمة لا يتيسر بالاستدانة، إذ الظاهر أنها لا تجد من يقرضها، وغنى الزوج مآلا أمر متوهم، فالتفريق ضروري إذا طلبته"١.
الحالة الثانية: امتناع الزوج عن النفقة مع اليسار:
إذا كان الزوج موسرا ومع ذلك امتنع عن الإنفاق على زوجته، بخلاً، أو إضرارا بها، فهل يجعل للمرأة الخيار في طلب التفريق؟
اتفق الفقهاء على أن للمرأة التي امتنع زوجها من الإنفاق عليها وهي مستحقة للنفقة، أن لها أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف.