زمان ومكان الأخذ بما صح، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد أن يعدل عن ذلك إلى غيره. ومن عجز عن ذلك في شيء من أمر دينه، فعليه بما كان عليه السلف الصالح والصدر الأول. فإن لم يدر شيئا من ذلك، وصح عنده عن أحد الأئمة الأربعة المقلدين الذين لهم لسان صدق في الأمة، فتقليدهم سائغ حينئذ. فإن كان المكلف أنزل قدرا وأقل علما وأنقص فهما من أن يعرف شيئا من ذلك، فليتق الله ما استطاع، وليقلد الأعلم من أهل زمانه أو من قبلهم خصوصا من عرف بمتابعة السنة، وسلامة العقيدة، والبراءة من أهل البدع، فهؤلاء أحرى الناس، وأقربهم إلى الصواب، وأن يلهموا الحكمة، وتنطق بها ألسنتهم؛ فاعرف هذا، فإنه مهم جدا. ثم لا يخفاك أنه قد ألقي إلينا أوراق وردت من جهة عمان، كتبها بعض الضالين ليلبس بها، ويشوش بها على عوام المسلمين، ويتشبع بما لم يعط من معرفة الإيمان والدين، وبالوقوف على أوراقهم يعرف المؤمن حقيقة حالهم بعد ضلالهم، وكثافة أفهامهم، وأنه ملبوس عليهم لم يعرفوا ما جاءت به الرسل، ولم يتصوروه فضلا عن أن يدينوا به، ويلتزموه، وأسئلتهم ما وقعت لطلب الفائدة والفهم، بل للتشكيك والتمويه والتحلي بالرسم والوهم، ومن السنن المأثورة عن سلف الأمة وأئمتها. وعن إمام السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل -قدس الله روحه- التشديد في هجرهم وإهمالهم وترك جدالهم واطراح كلامهم، والتباعد عنهم حسب الإمكان، والتقرب إلى الله بمقتهم وذمهم وعيبهم. وقد ذكر الأئمة من ذلك جملة في كتب السنة مثل كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، والسنة للخلال، والسنة لأبي بكر الأثرم، والسنة لأبي القاسم اللالكائي وأمثالهم،