فالواجب نهي أهل الإسلام عن سماع كلامهم ومجادلتهم، لا سيما وقد أقفر ربع العلم في تلك البلاد، وانطمست أعلامه، قال في الكافية الشافية:
فانظر ترى لكن نرى لك تركها ... حذرا عليك مصايد الشيطان
فشباكها, والله لم يعلق بها ... من ذي جناح قاصر الطيران
ألا رأيت الطير في شبك الردى ... يبكي له نوح على الأغصان
إذا عرف هذا، فإحدى الورقتين المشار إليهما ابتدأها الملحد بسؤال يدل على إفلاسه من العلم، ويشهد بجهالته وضلالته، وهو قوله: الرؤية ثابتة عند أهل السنة والجماعة في الجنة، هل هي بصفات الجلال والجمال والكمال؟ ولم يشعر هذا الجاهل الضال أن الرؤية تقع على الذات المتصفة بكل وصف يليق بعظمته وإلهيته وربوبيته من جلال وجمال وكمال، وأن صفات الجلال ترجع إلى الملك والمجد والسلطان والعزة، والجمال وصف ذاتي، كما أن الجلال كذلك. والكمال حاصل بكل صفة من صفاته العلى، فله الجلال الكامل، والجمال الكامل، والمجد والعزة التي لا تضاهي ولا تماثل؛ فهذه أوصاف ذاتية لا تنفك عنه في حال من الأحوال. وإنما يقال: تجلى بالجلال والمجد والعزة والسلطان إذا ظهرت آثار تلك الصفات، كما يقال: تجلى بالرحمة والكرم والعفو والإحسان إذا ظهرت آثار تلك الصفات في العالم، ويستحيل أن يرى -تعالى- وقد تخلف عنه صفة جلال وجمال وكمال. ولو وقف هذا الغبي على ما جاء في الكتاب والسنة من إثبات الرؤية وتقريرها، ولم يتجاوز ذلك إلى تخليط صدر عمن لا يدري السبيل، ولم يقم بقلبه عظمة الرب الكبير الجليل؛ لكان أقرب إلى إيمانه وإسلامه. أما قوله: وما الفرق بين صفات المعاني والمعنوية، فهذه الكلمة لو