ولا روية، ولا معرفة له بالعلوم ولا درية، لا يعرف من الإسلام أصلا ولا فرعا، بل هو ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقد موّه هذا الجهمي الكافر بهذه السفسطة والجعجعة،، وهرقع بهذه المخرقة والقعقعة، وظن أن ليس في حمى التوحيد من أهله ضيارم، ولا لتلك الشبه المتهافتة من عالم مصارم. كلا والله، إن الليث مفترش على براثنه، لحماية حمى التوحيد وقاطنه، فلا يأتي صاحب بدعة ليقلع من التوحيد الأواسي، ويهدم منه الرعان الشامخات الرواسي، إلا ودفع في صدره بالدلائل القاطعة، والبراهين المنيرة الساطعة. فرحمه الله من إمام جِهبذ ألمعي، ومقول بارع لوذعي، أحكم وأبرم من الشريعة المطهرة أمراسها، وأوقد منها للورى نبراسها، وسقى عللا بعد نهل غراسها، فأورقت وبسقت أشجارها، وأينعت -بحمد الله- ثمارها، فجنى من ثمارها كل طالب مسترشد، وورد من معينها الصافي كل موحد.
إمام هدى فاضت ينابيع علمه ... فأم الأوام الواردون معينها
فبلّوا الصدي من صفوها وتضلعوا ... وضعضع من تيارهن مهينها
كهذا الذي أبدى معرة جهله ... وكان يرى أن قد أجاد رصينها
فضعضعها بالرد والهد جِهبذ ... وأبدى عوارا قد رأى أن يزينها
وما هو إلا كالسراب بقيعة ... يلوح لظمآن فلاقى منونها
فإن كنت مشتاقا إلى كشف زهوها ... فإن الإمام الشيخ أبدى كمينها
وجلّى ظلام الجهل بالعلم مدحضا ... ضلالات كفر غثها وسمينها
وأطلع شمس الحق للخلق جهرة ... وشاد لعمري للبرية دينها
وقد سمعت أنوار برهان علمه ... وقد بلغت غرب البلاد رصينها
وردّ على من ردّ سنة أحمد ... ورام سفاها بالهوى أن يشينها
ومن ندّ من أتباع جهم ونحوهم ... وقد رام جهلا أن يهد مكينها
بنفي استواء الرب جل جلاله ... على عرشه إذ رام أن يستهينها
وقد أوضحت بل صرحت بعلوه ... وقرر أعلام الهدى مستبينها
وفي سبع آيات ثبوت استوائه ... على العرش فاقرأ يا مهين رصينها