للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا جواب إحدى الورقتين التي أرسلها محمد بن عون، وقد تقدم جواب الورقة الثانية فيما سبق، ولم أجدها تامة، لكن لمسيس الحاجة إليها أثبتناها.

[إنكار الجهمية لصفات الله وعلوه وزعمهم أنه في كل مكان]

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم: محمد بن عون، سلمه الله تعالى وأعانه، وبالعلم كمله وزانه. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو على نعمه، جعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين. وسبق إليكم مكاتبات قبل هذا، وقد بلغني ما منَّ الله به عليك من جهادك أهل البدع والإغلاظ، في الإنكار على الجهمية المعطلة ومن والاهم، وهذا من أجلّ النعم وأشرف العطايا، وهو من أوجب الواجبات الدينية. فإن الجهاد بالعلم والحجة مقدم على الجهاد باليد والقتال، وهو من أظهر شعائر السنة وآكدها، وإنما يختص به في كل عصر ومصر أهل السنة، وعسكر القرآن، وأكابر أهل الدين والإيمان، فعليك بالجد والاجتهاد، واعتد به من أفضل الزاد للمعاد، قال -تعالى-: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} ١.هذا وقد ألقي إلي ورقة، جاءت من نحوكم، سودها بعض الجهمية المعطلة، مشتملة على إنكار علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، كما هو رأي جهم وأشياعه، محتجا صاحبها بشبهات كسراب بقيعة، من نظر إليها من أهل العلم والمعرفة تيقن أنه من الأدلة على أن قائله قد عدم


١ سورة غافر آية: ٥١.

<<  <   >  >>