للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنذر لهم، وهي من بين عيون وشجر، وحائط وحجر. وفي مدينة دمشق -صانها الله- من ذلك مواضع متعددة، كعوينة الحمى خارج بلد توما، والعمود المخلق خارج الباب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق -سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها-. فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق، وسفيان بن عيينة عن الزهري ١ عن سنان بن أبي سفيان عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، وكانت لقريش شجرة خضراء عظيمة يأتونها كل سنة، فيعلقون عليها سلاحهم، ويعكفون عندها ويذبحون لها، وفي رواية: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل حنين، ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عليها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فتنادينا من جانبتي الطريق، ونحن نسير إلى حنين: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! هذا كما قال قوم موسى: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} لتركبن سنن من كان قبلكم " أخرجه الترمذي بلفظ آخر والمعنى واحد، وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال الإمام أبو بكر الطرطوشي في كتابه المتقدم ذكره: فانظروا -رحمكم الله- أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمون من شأنها، ويرجون البرء والشفاء من قبلها أو ينوطون بها المسامير والخرق، فهي ذات أنواط فاقطعوها. ٢


١ بياض في الأصل وبعده سنان بن أبي سفيان، وهو من تحريف النساخ والصواب ما صححناه به كما في جامع الترمذي.
٢ كان بقرب بلدنا زيتونة يسمونها: "زيتونة الولية" يعتقد الجمهور بركتها، فلما قرأت لأهل البلد عقيدة التوحيد في أيام طلبي للعلم أغريتهم بقلعها، فقلعوها ليلا، وكان هنالك عليقة منسوبة لولي ينوطون بها الخرق، فما زلت بهم حتى منعتهم من ذلك.

<<  <   >  >>