للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم

ولو نطيل بذكر هذه الأخبار لحررنا منها أسفارا، فلنكف عن قلم اليراع في هذا الميدان، فالحكم والله لا يخفى على ذي عيان، بلى أجلى من ضياء الشمس في البيان. فلما استقر هذا في نفوس عامتهم، نجد أحدهم إذا سئل عمن ينهاهم: ما يقول هذا؟ فيقول: فلان ما ثم عنده إلا الله، لما استقر في نفوسهم أن يجعلوا مع الله إلها آخر. وهذا كله وأمثاله وقع ونحن بمصر، وهؤلاء الصالحون مستخفون بتوحيد الله، ويعظمون دعاء غير الله من الأموات، فإذا أمروا بالتوحيد، ونهوا عن الشرك استخفوا بالله، كما أخبر الله تعالى عن المشركين بقول: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} ١، فاستهزؤا بالرسول لما نهاهم عن الشرك. وقال عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَوَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} ٢، وقال تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ٣.

تفضيل المشركين لمعبوداتهم على خالقهم

وما زال المشركون يسفهون الأنبياء، ويصفونهم بالجنون والضلال والسفاهة، كما قال قوم نوح لنوح، وعاد لهود عليهما السلام: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} ٤.فأعظم ما سفهوه لأجله، وأنكروه هو التوحيد؛ وهكذا تجد من فيه شبه من


١ سورة الأنبياء آية: ٣٦.
٢ سورة الصافات آية: ٣٥.
٣ سورة ص آية: ٤.
٤ سورة الأعراف آية: ٧٠.

<<  <   >  >>