وعلى سبيل المثال فإن مما يدخل في اهتمام علم اللغة الجغرافي صلاحية استعمال اللغة الإنجليزية كلغة بديلة ومساعدة في كل المناطق التي خضعت في وقت ما للنفوذ الإنجليزي أو الأمريكي، واللغة الفرنسية في المناطق الواسعة التي تغطي غربي وشمالي إفريقية وجنوب شرق آسيا، وكذلك الحال بالنسبة للغة الهولندية، في إندونيسيا، ولكن أبعد من هذا قد توجد انعكاسات لغوية لاستعمار قديم نسبيا ربما يرجع إلى الوراء حتى وقت الحرب الأمريكية الإسبانية أو الحرب العالمية الأولى، فالإسبانية ما تزال منتشرة إلى درجة كبيرة في الفلبين، والألمانية ما تزال تسمع أحيانا في تانجانيقا وفي جنوب غربي إفريقية وفي مناطق مختلفة من المحيط الهادي.
وهذا راجع إلى أن الوضع السياسي يتغير أسرع بكثير من الوضع اللغوي، وعلى الرغم من الجهود الرسمية التي تتخذ في ذلك فإن التغيير اللغوي يستغرق وقتا طويلا إلى أن تتغير العادات الكلامية للسكان، أو حتى للنخبة المثقفة منهم فقط. إن الأفراد الذين ينشئون على تقاليد ثقافية معينة، مثل الهنود الذين يتعلمون في بريطانيا، والإفريقيين الذين يتربون في فرنسا أو بلجيكا يجدون صعوبة في تغيير اتجاهاتهم الفكرية المرتبطة بثقافة الشعب السابق الإشارة إليه.
وأكثر من هذا فإنه في حالات كثيرة يبذل جهد قليل، أو لا يبذل أي جهد على الإطلاق لتغيير التقاليد والروابط الثقافية، ويبدو عاديا أن تدرس الإنجليزية في غانا ونيجيريا والهند وباكستان بصورة أوسع مما كان عليه الأمر أثناء الاحتلال الإنجليزي. ومثل هذا يقال عن اللغة الفرنسية في بلاد الاتحاد الفرنسي الجديد التي تدرس الفرنسية أكثر من قبل ومثال واحد استثنائي هو إندونسيا حيث تبذل الحكومة جهودا جبارة للتخلص من التقاليد الثقافية الهولندية وهناك شواهد أخرى على أن الأقطار الشيوعية -التي كانت تخضع للنفوذ الثقافي واللغوي الألماني- تبذل الآن بعض محاولات للحد من هذا النفوذ.
والظاهرة الغريبة المتعلقة بالنفوذ طويل المدى للغات الاستعمارية تبدو بين