إن كل ما ناقشناه في الفصل السابق يختص بميدان الأصوات المنطوقة: articulatory phonetics أو علم الأصوات البسيط الخالص "انظر المبحث رقم٦". فإذا انتقلنا إلى الجوانب الفونيمية للأصوات اللغوية فإننا ربما نعرف علم الفونيم phonemics مرة أخرى على أنه العلم الذي يعالج الخصائص الصوتية الوثيقة الصلة بلغة معينة من وجهة نظر إحساس المتكلمين، وهنا نجد أمامنا غالبا مجاميع من الأصوات المتشابهة "فونيمات". وإذا كان من الممكن أن يشتمل الفونيم على صوت واحد: فون phone "أو صوت موضوعي" فهو في الكثير الأعم يشتمل على مجموعة من الفونات المتشابهة، أو التنوعات الصوتية phonetic variants، التي يتوقف استعمال كل منها أساسًا على موقعه في الكلمة "أولا, وسطًا, آخرًا ... إلخ" وعلى الأصوات المجاورة له "قبل علة, قبل ساكن, بين علتين, ملاصق لصوت مجهور أو مهوس ... إلخ" وقد سبق أن رأينا أن ما يمثل في الكتابة بالرمز P كما في Pit و sip إنما يحوي في الحقيقة ثلاثة فونات مختلفة وإن كانت متشابهة ومتقاربة، ولكننا رأينا كذلك أن هذه التشكيلات تصدر عن المتكلم بلغته بدون وعي، ودون أن يفطن إلى الفروق بينها في العادة، اللهم إلا إذا نبه إليها. وعلى الرغم من أن P في Pit و spit و sip تمثل ثلاثة أصوات موضوعية متخالفة أو ثلاثة فونات فهي تمثل فونيمًا واحدا في الوعي العادي للمتكلم الأمريكي. هذه الفونات الثلاثة حينئذ تسمى تنوعات موقعية Positional variants، أو ألوفونات allophones لنفس الفونيم، هذا يدوره يعني أن الفونيم لا يمكن أن يحدد بالنسبة لفونات أو الأصوات لغة على سبيل الإطلاق إنه أقرب إلى أن يكون شيئًا تجريديًا أو نظريًا لا يتحقق وجوده الموضوعي في الخارج، وإنما يوجد في شكل واحد من ألوفوناته. وعدم تحقق الفونيم موضوعيًا لا في فرد من أفراده يطلق عليه فنيًا مصطلح تحقق الفونيم actualization أو realization. وإن الفونيم أو الوحدة الذهنية p في الإنجليزية الأمريكية يمكن أن يتحقق وجودها الموضوعي فقط عن طريق الفونات في pit و sipt و sip ولكن هذه تسمى فونات لا فونيمات.
ومن الأمور الواضحة المسلم بها أن فونات الفونيم الواحد يجب أن تتقاسم