حتى الآن، ناقشنا موضوعات تمس اللغة بوجه عام، وتتعلق باللغات جميعها قديمها وحديثها، وهذه المناقشة قد خصصت لموضوعات من علم اللغة العام أو الوصفي أو التركيبي، ولكن حينما نأتي لتصنيف اللغات نكتشف أن هناك طريقتين رئيسيتين للتصنيف، هما: القرابة اللغوية أو الرجوع إلى الأصل، والطريقة التشكيلية أو التصنيف على أساس وسائل بناء الكلمات وتوليدها، أما الطريقة الأولى فتعد في معظمها تاريخية، وأما الثانية فوصفية، وهناك طريقة ثالثة غير علمية تعتمد على المعيار الجغرافي "اللغات الأوربية, اللغات الإفريقية لخ". وهذه الطريقة ما تزال مستعملة في المجالات التي يصعب فيها تطبيق أحد المنهجين السابقين، حينما تكون معلوماتنا "أو حينما كانت حتى عهد قريب جدا" غير كافية. ولهذا فنحن ما نزال نتكلم عن اللغات الأسترالية الوطنية أو غيرها، "واضعين تحت المنطقة الجغرافية ما قد يمكن تصنيفه إلى أنواع متعددة لو طبقنا أحد المنهجين الأولين، والتصنيف الجغرافي -على أي الحالات- ربما يكون جديرًا بالاستعمال لأغراض لغوية جغرافية.
أما التصنيف على أساس القرابات اللغوية genetic classification، فيتطلب ولا شك دراسة تاريخية لربط اللغات بأصل معروف أو تخميني. اللغات الرومانسية مثلا مصطلح يستعمل ليغطي كل اللغات التي ترجع إلى أصل لاتيني. ولكن اللاتينية نفسها تعتبر عضوا في عائلة أكبر تسمى اللغات الهندية الأوربية وإن التقسيمات الواسعة إلى عائلات لغوية كبيرة مثل الهندية الأوربية، والحامية السامية، والطوراني لتتضمن لغات يبدو رجوعها في القديم إلى أصل واحد، فهي لذلك رغم بعد ذلك الأصل وعدم توافر وسائل الإثبات أحيانا تقسيمات واضحة إلى حد كبير، أو على الأقل محتملة الصحة.
وأما التصنيف التشكيلي typological classification الذي ربما يكون أو لا يكون قد بني على عوامل تاريخية, فيهتم أولا بالتركيب الحديث للغة، ولذا فهو في جزئه الأعظم وصفي. أما الأنواع العامة للغات فهي كما يلي:
١- اللغات التصريفية inflectlonal وهي التي تدل على العلاقات النحوية عن طريق السوابق واللواحق والتغييرات الداخلية في بنية الكلمة وإذا استعملنا مصطلحات أكثر تحديدا، نقول عن طريق الجمع بين مورفيمات حرة ومتصلة على سبيل المثال: الكلمات الإنجليزية walk و walk-s و walk-ing وفي لغات مثل اللاتينية أو الروسية يقل بشكل ملحوظ عدد المورفيمات الحرة، حيث إن الأسماء والصفات والأفعال لا يمكن -بوجه عام-