ومن أجل هذا فإن علم اللغة يعتبر نوعا من الدراسة التي لا يمكن بالضبط أن تعد من علوم الطبيعة، أو الاجتماع، أو فرعا من فروع العلوم الإنسانية، إنه يحتل مكانًا ملموسًا بين هذه الأقسام الثلاثة للمعرفة الإنسانية، إن اللغة أداة ذات أهمية بالغة في الحضارة الإنسانية، إنها شيء لا غنى عنه، وأيضا فاللغة ملك مشاع لكل طبقات المجتمع من أعلاها إلى أدناها، ليس كل الناس يكتبون، وقليل منهم نسبيا من يهتمون بصناعة الأدب، ولكن كل الناس يتكلمون.
وهذا كله يجعل علم اللغة "الدراسة المقصودة للغة" موضوعا ذا أهمية كبيرة، وإن كانت عملية استخدام اللغة نفسها تعتبر أساسا عملية غير واعية، وتأخذ في طبيعتها صورة الأفعال اللاإرادية أو المنعكسة منذ اللحظة التي يكتسب فيها الإنسان اللغة، ويتمكن منها.