للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل هذه اللغات قد انشعبت عن لغة غير مكتوبة امتدت فروعها من شمالي الهند إلى أيسلندة، وشملت معظم أوربا وأقساما كبيرة من جنوب غربي آسيا، وقد أدى هذا إلى اختيار اسم اللغات الهندية والأوربية لهذه العائلة، وقد مكن هذا المنهج المقارن اللغويين -من جهة- من إعادة خلق تلك اللغة الأم، على الأقل على سبيل المحاولة، كما مكنهم -من جهة أخرى- من أن يقرروا مع شيء من الثقة أن اللغات الحديثة مثل الإنجليزية والألمانية والأسكندنافية والرومانسية والسلافية وكذلك اللتوانية واليونانية والألبانية والأرمينية والفارسية ومعظم اللغات الموجودة الآن في شمال الهند وباكستان كل أولئك ترجع إلى لغة أم واحدة.

ومقارنة اللغات -على كل حال- يمكن القيام بها الآن بطريقة وصفية بالنسبة للغات العالم الحديثة بقصد الوصول إلى مواطن الاتفاق والاختلاف في نماذجها الصوتية وتراكيبها النحوية ورصيدها اللغوي من المفردات، ولعله من الحق أن يقال إن علم اللغة المقارن في صورته المبسطة يدخل في دراسة كل اللغات الأجنبية وتدريسها، ما لم تتجنب هذه المقارنة بطريقة مباشرة عمدية، من غير أن يؤخذ في الاعتبار لغة المتكلم نفسه، أو يشار إليها ألبتة، "وحتى هنا فمن المستحيل أن تمنع المتعلم من عقد هذه المقارنة في عقله بين صيغ اللغة التي يتكلمها ويعرفها، وما يقابلها في اللغة التي يريد اكتسابها وتعلمها".

وإن منهج البحث التاريخي المقارن ربما امتزج بالمنهج الوصفي حين يأخذ الدارس لغة ما في فترتين زمنيتين معالجًا كلا منهما أولا معالجة وصفية "وذلك باستخلاص النماذج الصوتية والتراكيب النحوية والرصيد اللغوي لكل مرحلة من مراحل اللغة"، وأخيرًا يقارن الاثنتين ليصل من ذلك إلى التغيرات التي طرأت على الظواهر التي يهتم بدراستها.

<<  <   >  >>