للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقعية وسوداوية، ولم يلجأ إلى الخيال ليقتنص من سبحاته حادثة من هنا وأخرى من هناك، ثم يركبها كيف شاء له خياله، ولا إلى الفنّ الذي يدبّج به القصصيون قصصهم، حسب العناصر التي استمدّوها من تاريخ القصة العربية حيناً، والغربية في أكثر الأحيان .. لم يتكلف حادثة، ولم يتزيّد في التفاصيل، وكأنه هنا مؤرخ، وليس كاتب قصّة، وأهمّ صفة في المؤرخ: الصدق والأمانة في النقل ..

ولهذا كان خطّاب أميناً في نقله عن الواقع، الأمر الذي أكّد صدقه، وأضرَّ بفنّه، فصارت قصصه من صنف الحكايات التي تروي حوادث وقعت، دون أن يتفنن كاتبها بزخرف من القول أو الخيال، لأنه حريص على صدق ما ينقل، أمين في رواية الحوادث.

إنه لا يريد من وراء ما يكتب دنيا يصيبها، ولا يريد كسباً مادياً، ولا شهرة، بل يريد الآخرة لنفسه ولقرّائه؛ فقد انغمس الناس في أوحال المادة حتى الذقون، وما عادوا يأبهون لدين أو خلق أو آخرة .. ضمرت أرواحهم، وتورّمت أجسامهم .. خوت قلوبهم، وانتفخت جيوبهم، وصار لسان حال الواحد منهم يقول:

" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً " فلا موت ولا قبر ولا حساب ولا عقاب، بل انكباب على الشهوات، وتكاثر في الأرصدة والعقارات.

إنه قدّم الحوادث بصدق، بلا تزويق، ولا رتوش فنية .. إنه يريد أن يقدّم العبرة والموعظة، لتقويم الفكر والسلوك معاً. يقول:

" أردت بعرضها معالجة بعض عيوبنا الفردية والاجتماعية التي نعاني منها، فكل جريمة لها عقاب، ومن ينجو من عقاب البشر، لا ينجو

<<  <   >  >>