للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العلماء طائفة ترفض الإدراك النفسي للفونيم، ويقولون في نفس الوقت: إن الفونيم لا يوصف عن طريق الأصوات التي توضحه، بل يحددونه في ضوء وظيفته التركيبية في اللغة.

وفي مقدمة هؤلاء تروبتسكوي١، الذي يبدو أنه يعتبر الفونيم أي واحد من الخلافات الصغرى، التي تفرق بين الكلمات في المعنى، وقد سبق شرح ذلك. ويحدد الفونيمات بأنها وحدات تشكيلية، لا يمكن تقسيمها من وجهة النظر اللغوية إلى عناصر متتابعة أدق، وقال: إنها علامات مميزة، لا يمكن تعريفها إلا بالرجوع إلى وظيفتها في تركيب كل لغة على حدتها.

وهو يقول أيضًا: إن الفونيم مجموع الصفات التشكيلية ذات الصلة بالموضوع. ثم هو يقول: إن الفونيم فكرة لغوية لا نفسية، ومما يرضى أن تروبتسكوي يقود بنظرته هذه إلى نفس النتائج العملية، التي قادت لها أوضاع أخرى للنظرية، وذلك أن هذه النظرية تمنحنا مادة جوهرية لتحليل التراكيب اللغوية، وأساسا قويا للكتابة الأصواتية.

ويبدو أن بلومفيلد يرى نظرية الفونيم من نفس زاوية تروبتسكوي؛ فهو يعرف الفونيمات بأنها: "الوحدات الصغرى من الصفات المميزة للأصوات"، و"أصغر ما يحدث اختلافا في المعنى من الوحدات"، ولقد قال أيضًا: إن فونيمات اللغة ليست أصواتا، ولكنها صفات في الأصوات التي ينتجها المتكلم بالتدريب، ويميزها في تيار الكلام العلمي.

أما "توادل" فيقول: إن الفونيم ليس له وجود حقيقي، لا من الناحية العضوية ولا من الناحية النفسية، وإنما هو وحدة خرافية تجريدية، وهذا هو رأي هيلمسلف كما يبدو، وكل هذه الآراء تقود إلى نفس النتيجة العلمية، هذه النتيجة العلمية هي:


١ N.S.Troubetzkay, Grandzuge der Phonologie, p,٣٤.

<<  <   >  >>