للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[استقلال المنهج اللغوي]

سوف يرى من يتتبع تاريخ الدراسات اللغوية، أن هذه الدراسات كانت جزءًا لا يتجزأ من التفكير الفلسفي القديم، وسوف يرى قارئ الفلسفة اليونانية، أن هذه الفلسفة قد افترضت اللغة اليونانية مقياسًا للغات العالم، وبنت على ذلك اعتقادات تخطئه الدراسات اللغوية الحديثة، هو أن دراسة اللغة اليونانية في تراكيبها، وطرقها صادقة على كل لغات العالم؛ إذ أن هذه اللغات تجري على مقياس اليونانية١، وهذه الدراسات اللغوية القديمة تختلط إلى حد كبير جدا بالنظريات المنطقية، والميتافيزيقية، ولقد اعتبر كتاب اللغة من الإغريق الجملة حكما منطقيا، واعتبروا طرفي الإسناد النحوي بنفس الطريقة، التي اعتبروا بها الموضوع والمحمول في المنطق، وإن من من يقرأ ما كتبه أرسطو في المقولات والعبارة، والتحليلات الأولى والثانية ليجدها مليئة بالنظرات، التي تخلط بين التفكير اللغوي، والفلسفي، خذ مثلا من كلامه في مقولة الكم: ويقال نفس الشيء عن الكلام، فمن الواضح أن الكلام ذو كمية؛ لأنه يقاس بالمقاطع الطوال والقصار، وأقصد بذلك الكلام المنطوق٢ ويقول: في الفصل العاشر من المقولات: "إن الأزواج المتقابلة التي تنضوي تحث مقولة الإضافة تتضح بنسبة كل فرد منها إلى الآخر؛ وهذه النسبة تدل عليها علامة الإضافة، أو أي حرف آخر ويقول أيضًا: "إن العبارات المتقابلة من جهة الإثبات، والنفي تقع بوضوح في نطاق قسم آخر متميز؛ لأنه من الضروري في هذه الحالة، وهذه الحالة فحسب أن يكون أحد المتقابلين صحيحا، والآخر خطأ ويقول: "والكلمات التي تقع في عبارات متقابلة، يقع بعضها في نفس الوقت عكسًا للبعض الآخر، وتختص الكلمات بهذا أكثر مما تختص به أي مجموعة من الأمور المتقابلة".

ويعرف أرسطو الاسم بأنه اللفظ، الذي لا يدخل الزمن في مدلوله، ولا يدل


١ Bloomfield Language, p. ٥.
٢ The works of Aristotle translated into English Categorae.

<<  <   >  >>