لا يستطيع الباحث إذا أن يبني تقسيمات الحروف على اعتبارات فسيولوجية عضوية، أو طبيعية صوتية، كما أشرنا إلى ذلك في كلامنا عن التفريق بين الصحاح والعلل؛ لأن الحروف الصحاح، وحروف العلة لا تنطق، وإنما تنطق الأصوات الصحاح، وأصوات العلة.
وعند تقسيم هذه الوحدات التشكيلية، "التي نسميها الحروف، فننسب إليها مخارج، وصفات كمخارج الأصوات وصفاتها"، لا نقصد من هذه النسبة أي معنى عضوي فسيولوجي في المخارج، ولا طبيعي صوتي في الصفات، وإنما نسنتعمل الاصطلاحين "مخرجا" و"صفة" استعمالا تشكيليا محضا، غير أصواتي، لندل به على أنواع لا أعمال، وعلى أفكار تقسيمية لا موضوعات طبيعية، وعلى وسائل للتناول لا عمليات نطقية، وأخيرًا كما يقول كانتينو على وظائف لا حركات، وعندما نتكلم في معرض التشكيل عن نطق شفوي، إنما نتكلم عن أحد أنواع النطق المستخدمة في اللغة العربية مثلا، لا على عملية النطق نفسها، أي أننا نتكلم عما يشمل حروف الباء والميم والواو، لا عن أي صوت بعينه من أصوات هذه الحروف.
وأما اصطلاح العلاقة، "ونقصد بها جهة الشركة، أو التخالف بين صحيح وصحيح، كعلاقة الجهر المدركة إيجابيا بين د - ز، وسلبيا بين د - ت، أي أنها جهة شركة بين الزوج الأول، وجهة اختلاف في الزوج الثاني"، فإنه لا يدع في التفكير شكا في جهة إطلاقه، وبرغم اتصاله بصفات في الأصوات تتصل بالناحية الصوتية الطبيعية، وتناولها من ناحية التشكيل تناول للتنظيم، لا للوصف الصوتي، كما في علم الأصوات، فيدل اصطلاح "العلاقة" هنا على صفة، ربما كانت إيجابية في أحد طرفيها سلبية في الطرف الآخر، مع اتحاد الطرفين في المخرج، كما في مثالنا السابق "د في مقابل ت"، ويختلف استعمال هذا الاصطلاح هنا عن الطريقة، التي يستعمله بها تروبتسكوي؛ إذ يقصد به "مجموع الأزواج ذوات العلاقة المتبادلة، والتي نخصصها نفس علامة العلاقة١"؛ ومعنى الأزواج ذات العلاقة المتبادلة في نظره كل حرفين، "أو كما يقول هو "فونيمين"، وسنشرح الاصطلاح "فونيم" فيما يأتي"، يقف أحدهما في وجه الآخر مقابلا له في سلب صفة وإيجابها، كوجود