خلق الاصطلاحات التي تدل على الأقسام، ويظل الباحث الذي لا يتعمد على هذين الأساسين تائها في فوضى المفردات المبعثرة، ونوع التقسيم الذي يهدف إليه الباحث العلمي، خاضع لقانون الحالات الموضوعية Objective Conditions، وهو لا ينطبق بأي حال على التقسيمات غير الواعية التي تقوم على الغريزة، ولا ينطبق أيضا على التقدير الشخصي "Commonsesnse"؛ لأن العلم لا يقوم على أي أساس شخصي ذاتي.
وليس هناك ما هو شخصي مثلا في "٥-١=٤"، ولا في:"H٢O= ماء". وكثيرا ما يختلف التقدير والتقسيم في العلم عن التقدير، والتقسيم الشخصيين؛ فالقيطس مثلا ليس من فصيلة السمك من الناحية العلمية، وتنفصل التقسيمات اللغوية العلمية عن التقسيمات المنطقية، ويجب أن تظل كذلك دائمًا، فالمنطق يعني بخلق أبواب تدرج تحتها الأشياء الحقيقية، وقد قلنا: إن أرسطو خلق عشرة أبواب سماها المقولات؛ ولو كان لغته غير اللغة اليونانية لاختلفت فلسفته عن شكلها الحاضر، وقضايا المنطق وأقيسته لا تنطبق على اللغة، والقاعدة المتعبة في التقسيمات النحوية هي اعتبار ما كان له تعبير شكلي من الأقسام العقلية. ويعامل الباحث كلمة "المعتزلة"، مثلا معاملة المفرد في اللغة العربية، سواء وردت في قولنا: "المرأة المعتزلة"، "أو فرقة المعتزلة مع أن ثانيتهما جمع من الناحية العقلية، ومثل ذلك يقال في المسلمة من "المرأة المسلمة"، وقول الشاعر:
"وحاربتنا بالسيوف المسلمة"
ولا فرق من الناحية المنطقية بين الإنسان، والناس في المثالين الآتيين:
خلق الإنسان ضعيفا - يحب الناس المال.
فالكلمتان تدلان على بني آدم في عمومهم، ولكن الفرق واضح من الناحية النحوية، حيث تعتبر إحدى الكلمتين مفردًا، والثانية اسم جمع، ومع أن الفعلين في المثالين مختلفان من الناحية النحوية، يدل كلاهما على الاستمرار من الناحية المنطقية، ومهمة الدراسات اللغوية أن تقرر الحقائق الخاصة بها فحسب، تاركة حقائق المنطق للمناطقة، فإذا قسمنا الكلمات العربية على هذه الأسس الخمسة المذكورة، فسنجد أن الأقسام التي تنتج من ذلك أربعة.