لها غير أن تعتمد إلى اسم، فتجعله فاعلا لفعل أو مفعولا، أو تعتمد إلى اسمين، فتجعل أحدهما خبرًا عن الآخر، أو تتبع الاسم اسما على أن يكون الثاني صفة للأول، أو تأكيدًا له أو بدلا منه، أو تجيء باسم بعد تمام كلامك على أن يكون الثاني صفة، أو حالا أو تمييزًا، أو تتوخى في كلام هو لإثبات معنى أن يصير نفيًا أو استفهامًا، أو تمنيًا فتدخل عليه الحروف الموضوعة لذلك، أو تريد في فعلين أن تجعل أحدهما شرطًا في الآخر، فتجيء بهما بعد الحرف الموضوع لهذا المعنى، أو بعد اسم من الأسماء التي ضمنت معنى ذللاك الحرف، وعلى هذا القياس".
فهذا الترتيب الذي يقول به عبد القاهر بين الكلمات في السياق، هو أساس التماسك بينها، والواقع أنه ترتيب بين الأبواب في نظرنا، وهو ما نخالف فيه بعد القاهر، على أن هذا العلامة قد فطن إلى ضرورة التماسك السياقي على أي حال، كشرط من شروط البلاغة، وجعله مبنيا على المعنى، وواضح هنا أن هذا المعنى ليس معجميا ولا دلاليًا، وإن قصد به عبد القاهر ذلك، وإنما هو معنى وظيفي، يدور حول وظيفة الباب في السياق.
يعمد بعض المؤلفين أحيانًا، وعلى الأخص أصحاب الحواشي، إلى الإتيان بالمبتدأ في صفحة، ثم بالخبر بعده بصفحات، فما الذي يجعل هذا الخبر مترابطًا مع ذلك المتبدأ؟ إنه ولا شك التماسك السياقي؛ ولولا ذلك التماسك لظل المبتدأ المسكين يتطلب خبره، إلى أن يتم الكتاب بعونه تعالى، ثم انظر بعد ذلك في "ضرب محمد عليًا"، لترى فيها عددًا من العلاقات المتشابكة، محمد فاعل لضرب، وعلي مفعول بها، وقد جاء ضرب في صيغة المفرد الغائب، ليتماسك مع محمد الذي يطلبه بهذه الصورة، ووجود علي في الجملة منصوبا قضى بالرفع لمحمد، وبصفة التعدي لضرب، وهلم جرا.
٢- والتماسك السياقي يقتضي توافقًا بين أجزاء معينة في السياق في بعض النواحي الآتية، أو كلها: