للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجموعة مستقلة من المواد المترابطة كالأصوات، والتشكيل والجراماطيقا، والمعجم والدلالات، وما يمكن أن يسمى علم الاجتماع اللغوي"١.

وكان نفوذ المذهب الميكانيكي، لا يزال يحس في بداية هذا القرن، فبدت صورة منه أمريكية في شكل مذهب نفسي، هو مذهب السلوكيين الذي لون الدراسات اللغوية الأمريكية بلونه تماما، كما يمكن أن يرى ذلك بوضوح في كتابات Bloomfield، وفي نفس الوقت جرت محاولات لتخليص طرق الدراسات اللغوية من النفوذ الخارجي، وأشهر هذه محاولة De Saussure خلق منهج شكلي يطلق عليه علماء اللغة من الشيوعيين Static mechanical structuralism على سبيل العيب.

وكما كان بلومفيلد تابعا لمذهب وايس السلوكي، كان دي سوسور تابعا لمذهب دوركايم الاجتماعي التركيبي، وفي كلتا الحالتين تستعير اللغة طريقتها من منهج غريب عنها مع التضحية باستقلالها في المنهج، فيرى أولهما أن اللغة مجموعة من ردود الأفعال المشروطة، ويراها الثاني بنية مركبة يمكن أن توصف باستعمال كلمتي رأسي وأفقي، يفعل ذلك حين يشرح اصطلاحية diachronique و Synchronique.

وإذا نظرنا إلى اللغة باعتبارها مجموعة من النظم الوضعية الاجتماعية، ذات أقسام من الأنماط والعلامات، وجدنا أن من الممكن أن تستقل بمنهجها عن مناهج العلوم، ويأخذ منهجها في اعتباره الشكل، والوظيفة باعتبارهما أساسين من أسس بنائه يطبقان في كل فرع من فروع الدراسات اللغوية، هذه الدراسات ليست إلا مجموعة متناسقة متكاتفة، متلاحمة من المناهج الفرعية لتناول الأحداث اللغوية منطوقة أو مكتوبة، ولقد وضعت هذه المجموعة من المناهج، لتصل بنا إلى علاج اللغة علاجا منظما أمبركاليا تحليليا مستقلا، بمعنى أنه لا يتخذ نقطة بداية له في أي علم غير علم اللغة، نستطيع أن نسمي هذا المنهج شكليا أو وظيفيا، ووجهة النظر الوظيفية لم تختر اعتباطا، وإنما جاءت من أن اللغة تستخدم وسيلة "من وسائل الاجتماع، وأداة ذات غرض محدد"، كما يقول مارتينيه٢.


١ Firth. Personality & Language.
٢ Phonology as Functional Phonetics. Publications of the philological Society XV, P. ٥, London, ١٩٤٩.

<<  <   >  >>