وأما قيمة الصوت، فهي أثره السار أو المنفر في الأذن، ومن المعروف أن أي صوت يمكن تحليله إلى نغمة أساسية، ونغمات أخرى فرعية وأن النغمات الأساسية، "أو نغمة درجة الصوت كما يسمونها"، هي أعلى هذه النغمات، وأن النغمات الفرعية نتيجة ذبذبات، تكون مضاعفات حسابية مع عدد الذبذبة في النغمة الأساسية.
ولإيضاح ذلك نقول: إننا إذا اخترنا مثلا وترا من أوتار العود، أو الكمان فسنجد أنه حين يضرب يتذبذب ككل من أجل النغمة الأساسية، ثم تتذبذب أجزاؤه مرتعشة في نفس الوقت، من أجل النغمات الفرعية، فإذا تذبذب الوتر ككل ٢٠٠ مرة في الثانية مثلا، فسنجد أن من أجزائه ما يتذبذب ٤٠٠ مرة ومنها ما يتذبذب ٦٠٠، ٨٠٠، ١٠٠٠، ١٢٠٠ وهكذا. وإذا أخذنا عمودا من الهواء في آلات النفخ، فإننا نجده ينقسم إلى هذه الأجزاء، التي بينها علاقة حسابية أيضا، فيكون منه ما هو نغمة أصلية، ومنه ما هو نغمات فرعية.
وتسمع النغمات الفرعية في نفس الوقت مع النغمة الأساسية، مكونة معها كلا هو الصوت، ولكن هذه النغمات الفرعية لا تسمع بمفردها، وتتوقف قيمة الصوت على هذا النسق الرنيني الخاص من النغمات الفرعية، فكما أن العود في تصمصم بنائه، قد صنع ليختلف في القيمة الصوتية عن الكمان، أي أنك تستطيع أن تقرر بالسماع، دون أن ترى الآلة ما إذا كان المعزوف عودًا أو غيره، كذلك تستطيع أن تقرر بالسماع، ما إذا كان صوت العلة المنطوق هو هذا الصوت أو ذاك، وتنسبه إلى الفتحة أو الكسرة أو الضمة، فاختلاف شكل العود عن شكل الكمان، كاختلاف شكل الفم في نطق أحد الأصوات عنه في نطق الآخر، يغير شكل الموجة الصوتية، بإيضاح النغمات الفرعية الخاصة بهذا الوضع، وإعطائها أهمية في السمع، وإن اتحد طول الموجة في الحالتين، واختلاف شكل الموجة هو اختلاف القيمة، وذلك ما تميزه الأذن بسهولة.
وهذه القيمة الصوتية، تجعلك تميز صوت صديقك في التليفون من أصوات الآخرين، ولو يشبهونه في الدرجة والعلو، وتتوقف النغمات الفرعية على نسيج الأوتار.