ويقال ذلك عن أوتار كل آلة موسيقية وترية، كما يقال في الأوتار الصوتية الإنسانية، فالذي يحدث إذا من الأوتار الصوتية، من غير اعتبار العوامل المساعدة، ليس إلا جرسا كالذي يحدث من وتر مشدود، في غير آلة موسيقية.
ونحن نعلم أيضا أن وظيفة الصندوق في العود، إنما هي إيجاد الرنين الضروري لإحداث صوته، وهذا الرنين أشبه ما يكون بأصداء لجرس الوتر تتشابك في صندوق العود، ويكمل بعضها بعضا، وإذا كان لعود صندوق واحد يؤدي هذه المهمة، ففي الإنسان صناديق كثيرة؛ فالتجويف الصدري والحلق، وتجويف الفم كله حجرات رنين من أنواع ممتازة، ولهذا كان الجهاز الصوتي الإنساني أكثر الآلات الصوتية، كمالا وإيفاء للغرض.
يخرج الهواء إذا من الرئتين، فيجد الوترين الصوتيين متقاربين قربا شديدا، ولكنهما غير مقفلين، فيمر بينهما فيتذبذبان، ويكون لذلك جرس يتردد صداه في حجرات الرنين، التي ذكرناها فوق هذا الكلام، ويتكون من مجموع الجرس والأصداء الرنينية حس له مقوماته الخاصة، من درجة وعلو وقيمة، وسنرى فيما بعد أن النشاط اللغوي الإنساني، يحسن استخدام العلو، والقيمة إلى أقصى غايات الإحسان، فيستخدم الأول في التنغيم١، وفي التفريق بين الصحاح والعلل، ويستخدم الثانية في التفريق بين أفراد كل نوع من الصحاح، والعلل من ناحية صفاته.