وكان بها ربع المسرة آهلا ... تمتع في روض من العلم زاهر
وفيها الهداة العارفون بربهم ... ذوو العلم والتحقيق أهل البصائر
محابرهم تعلو بها سنة ... مطهرة انعم بها من محابر
مناقبهم في كل مصر شهير ... رسائلهم يغدو يها كل ماهر
وفيهم من الطلاب للعلم عصبة ... إذا قيل من للشكلات البوادر
وفيها الحماة الناصرون لربهم ... معاقلهم شهب القنا والخناجر
وهندية قد أحسن القين صقلها ... مجربة يوم الوغى والتشاجر
ورومية خضراء قد ضم جوفها ... من الجمر ما يفري صميم الضمائر
وكانت بهم تلك الديار منيعة ... محصنة من كل خصم مغامر
غدت بهمو تلك الفتون وشتتوا ... فلست ترى إلا رسوما لزائر
وحل بهم ما حل بالناس قبلهم ... أكابر عرب أو ملوك الأكاسر
وبدلت منهم أوجها لا تسرني ... قبائل يام شعوب الدواسر
يذكرنيهم كل وقت وساعة ... عصائب هلكى من وليد وكابر
وأرملة تبكو بشجو حنينها ... لها رنة بين الربى والمحاجر
وهذا زمان الصبر من لك بالتي ... تفوز بها يوم اختلاف المصادر
ودارت على الإسلام أكبر فتنة ... وسلت سيوف البغي من كل غادر
وذلت رقاب من رجال أعزة ... وكانوا على الإسلام أهل تناصر
وأضحى بنو الإسلام في كل مأزق ... تزور همو غرثى السباع الضوامر
وهتك ستر للحرائر جهرة ... بأيدي غواة من بواد وحاضر
وجاءوا من الفحشاء ما لا يعده ... لبيب ولا يحصيه نظم لشاعر
وبات الأيامى في الشتاء سواغبا ... يبكين أزواجا وخير العشائر
وجاءت غواش يشهد النص أنها ... بما كسبت أيدي الغواة الغوادر
وجر زعيم القوم للحرب دولة ... على ملة الإسلام فعل المكابر