للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المظالم التي كانت قد أخذت، حتى إنه كان يرد المظلمة بدون شهود إذا تأكد من وجودها، كما تنازل عن فدك لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج عن كل الإقطاعات والصفايا وردها إلى بيت المال، وكان يتدرج في هذه الأمور كلها فقد سأله ابنه البار "عبد الملك": لماذا لا يمضى لما يريد من العدل؟ فأجابه عمر: يا بني إنما أُروِّض الناس رياضة الصعب، إني لأريد أن أحيي الأمور من العدل، فأوخر ذلك حتى أخرج معه طمعا من طمع الدنيا، فينفروا لهذه ويسكنوا لهذه.

وكان يؤلف الناس بالعطايا حتى يقبلوا الحق الذي يريده منهم، فعن هشام بن عبد الملك قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً١.

والتدرج في الأمور من سنن الله تعالى ثم إنه من سنن رسله عليهم الصلاة والسلام واستعماله هذا التدرج يُعَدُّ من عمق فقهه لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه وإخلاصه رحمه الله.

٢- ومن فضائله رحمه الله تعالى ما ذكره بعض أهل العلم من أنه هو المجدد للقرن الأول، وهو المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها" ٢.


١ ابن الجوزي سيرة عمر ص١٣٦- ١٣٧.
٢ سنن أبي داود ٤/٤٨٠، والحاكم في المستدرك ٤/٥٢٢-٥٢٣ وصححه ووافقه الذهبي، وصحح الحديث الشيخ ناصر الدين الألباني. انظر صحيح سنن أبي داود ٣/٨٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>