العبد أو لم يسأله. فوهموا واعتقدوا صحة هذا السؤال فتركوا الدعاء، وقالوا لا فائدة فيه. وهؤلاء مع فرط جهلهم وضلالهم متناقضون، فلو اطرد مذهبهم لوجب تعطيل جميع الأسباب، فيقال لأحدهم: إن كان الشبع، والري قد قدرا لك فلا بد من وقوعهما أكلت أو لم تأكل، وإن كان الولد قد قدر لك فلا بد منه وطئت الزوجة أو الأمة أو لم تطأهما، وإن لم يقدر لم يكن، فلا حاجة إلى التزوج والتسرى، وهلم جرا، فهل يقول هذا عاقل أو آدمي؟! بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته فالحيوانات أعقل، وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام يل هم أضل سبيلا١ وعلى هذا فالمسألة الأولى التي تدل عليها الآثار السابقة هي: أن كون الدعاء سبب من أسباب وقوع المقدور به والمدعو به هو المأثور عن عمر بن عبد العزيز فقد قال للرجل الذي دعا له بقوله أبقاك الله بأن هذا قد فرغ منه وقضى قضاء مبرما، لكنه طلب من الرجل أن يدعو له بالصلاح، وهذا دليل على أنه يرى أن الدعاء سبب من أسباب وقوع المدعو به كما يتأكد ذلك بقوله لمحمد بن
١ انظر: ابن القيم الجواب الكافي ص ١٥. ط. دار الفكر بيروت. وانظر الدعاء ومنزلته من العقيدة لجيلان بن خضر العروسي ١/٣٨١، ط. مكتبة الرشد الرياض عام ١٤١٤هـ.