فإن هذا الأمر الذي ولاني الله لو كنت إنما أصبحت ورغبتي فيه مطعم أو ملبس أو مركب أو اتخاذ أزواج أو اعتقاد أموال لكنت قد بلغ بي من ذلك قبل ما ولاني من أفضل ما بلغ بعباده، ولكن أصبحت له خائفا أعلم أن فيه أمرا عظيماً، وحسابا شديدا، ومسألة لطيفة، عند مجاهدة الخصوم بين يدي الله إلا ما عافي الله ورحم ودفع، وإني آمرك فيما وليتك من عملي وأفضيت إليك من أمري بتقوى الله وأداء الأمانة، واتباع ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، وقلة الالتفات إلى شيء خالف ذلك، ليكون الذي آمرك به في سيرتك، والنظر في نفسك وفي عملك وما تفضي به إلى ربك وما تعمل به فيما بينك وبين الرعية قبلك، وأنت تعلم علما يقينا أنه ليست نجاة ولا حرز إلا أن تنزل بذلك المنزل من طاعة الله، ودع أن ترصد شيئا ليوم ترجوه غدا من الله، وتخاف منه فإنك رأيت عبرا في نفسك وعبرا ما مثلها وعظ مثلنا وكفي ... ١.
٣٥/٥- ابن الجوزي قال: حدثنا أبو زيد الدمشقي قال: لما ثقل عمر ابن عبد العزيز دعي له طبيب فلما نظر إليه قال الرجل: قد سقي السم، ولا آمن عليه الموت فرفع عمر بصره فقال: ولا تأمن الموت أيضا على من لم يسق السم. قال الطبيب: هل أحسست بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم قد عرفت حين وقع في بطني. قال: فتعالج يا أمير المؤمنين؟ فإني
١ ابن عبد الحكم سيرة عمر ص٨١- ٨٢، وأبو حفص الملاَّء ١/٢٧٠.