للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو في سعة إذا كان قول هذا الصحابي في الأمور الاجتهادية. ومما يجدر ذكره أن موقف أهل السنة والجماعة عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة، وهذا هو الذي أُثر عن عمر. وتكاد أقواله ومواقفه مع من سأله عن هذه المسألة - أن تكون بمثابة قاعدة يسير عليها أهل السنة والجماعة فقوله: "تلك دماء طهر الله يدي منها فلا أريد أن أغمس لساني فيها" وقوله: "تلك دماء طهر الله يدي منها أفلا أطهر منها لساني" تُعَدَّان من أوجز الكلام وأوفاه تجاه ما شجر بين الصحابة.

قال البيهقي معلقا على قول عمر: "هذا حسن جميل لأن سكوت الرجل عما لا يعنيه هو الصواب١.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة"٢.

فنقول فيما شجر بين الصحابة: إنه إما أن يكون عمل أحدهم سعيا مشكورا، أو ذنبا مغفورا، أو اجتهادا قد عفي لصاحبه عن الخطأ فيه. فلهذا كان من أصول أهل العلم: أنه لا يمكن أحد من الكلام في هؤلاء بكلام يقدح في عدالتهم وديانتهم بل يعلم أنهم عدول مرضيون وأن هؤلاء رضي الله عنهم لاسيما والمنقول عنهم من العظائم كذب مفترى،


١ ذكر ذلك عنه الرازي في مناقب الشافعي ص١٣٦.
٢ الحديث أخرجه الترمذي ٥/٦٩٤، ورواه مسلم ٦/٤٧.برقم ٢٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>